كشف تحقيق سابق أجراه موقع دوحة نيوز عن وجود حملات تلاعب مُتَعمَّدة تستهدف قطر عبر موا التواصل الاجتماعي المختلفة
- أكثر من 80% من التغريدات المتداولة عبر هاشتاق لحقوق المعلمين اتضح أن مصدرها حسابات مزيفة.
- رواج بعض الهاشتاقات واحتلالها قوائم الأكثر تداولاً على الرغم من نشر تغريدة واحدة فقط من خلالها.
- نجاح حساب يضم أقل من 5000 متابع في دفع عدد من الوسوم إلى قائمة الأعلى تداولاً في قطر بشكل غامض.
- اتضح في تحليل بيانات جديد حصلت عليه دوحة نيوز كيف ضمت هاشتاقات اشتهرت عبر تويتر في قطر في الأشهر الأخيرة، على آلاف الحسابات المشبوهة والحسابات الآلية الوهمية المصممة خصيصاً لنشر وترديد المعلومات التي تنتقد الدولة الخليجية.
وحددت البيانات، التي فحصت ما يقرب من 100 ألف تغريدة عبر منصة تويتر، عدداً كبيراً من المستخدمين النشطين للغاية الذين كتبوا آلاف التغريدات بهاشتاقات محددة وتم نشرها في فترة زمنية غير مسبوقة، وكانت جميعها تحاول الترويج لحالة من الاستياء المزعوم تجاه حكومة قطر.
ومن بين الهاشتاقات التي ظهرت على قائمة الأكثر تداولاً على تويتر، كانت تلك التي تدّعي تردّي أوضاع المعلمين في قطر وعدم كفالة حقوقهم، أو تلك التي تستهدف المواطنين القطريين وأمير الدولة الخليجية نفسه، أو التي تستهدف حقوق الشيعة، وكذلك أخيراً وليس آخراً، التي تنتقد انتخابات مجلس الشورى القطري المُنتظرة قريباً.
وفي حين أن موقع دوحة نيوز لم يتمكن بشكل قاطع من تحديد مصدر نشر وتوجيه تلك الحسابات الوهمية المزيفة، فقد أشارت التقارير إلى ما وصفته بـ”الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي”، والتي عكفت خلال الأشهر والسنوات الأخيرة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لاكتساب والحفاظ على مزيد من السيطرة على المواطنين، وأنها زادت استغلالها لتلك الوسيلة من أجل تمكين أجهزتها الأمنية القمعية وتطويرها وتوسيع نطاق سيطرتها باستمرار.
وبالنسبة للوضع في قطر فقد وجدت الدولة الخليجية نفسها في طليعة أهداف الحرب الإلكترونية الكبرى خلال الأشهر التي سبقت حصار 5 يونيو/حزيران من العام 2017، عندما قامت ملايين الحسابات المزيفة عبر الإنترنت بالنشر في حملة مُنسَّقة للتلاعب بالخطاب الجماهيري المُثار حول الخلاف السياسي.
وقد نجح هذا التكتيك الحكومي الحديث والماكر في ترويج دعايا معينة بصورة جماعية، وغالبًا ما انتقدت به المعارضين وهاجمت من خلاله كل من يعارضها، ومثال على ذلك ما حدث في حالة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي واجه أشهرًا من الهجمات الإلكترونية عبر الإنترنت؛ وذلك قبل أن يتم اغتياله على يد عملاء سعوديين داخل قنصلية بلاده في اسطنبول أواخر عام 2018.
وتصدرت تلك الواقعة ذات التورط الرفيع المستوى عناوين الصحف العالمية، وواجه تويتر حينها ضغوطاً هائلة لاتخاذ إجراءات ضد الجناة والمتورطين، حيث سادت تساؤلات حينذاك عن سبب سماح عملاق التكنولوجيا تويتر، بإساءة استخدام منصته بهذه الطريقة.
وبحسب مارك أون جونز، الأستاذ المساعد لدراسات الشرق الأوسط بجامعة حمد بن خليفة في الدوحة، والمتخصص في التضليل الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “تُستخدم الحسابات المزيفة أو الـ’بوتس’ بشكل متكرر للترويج للدعاية الحكومية من خلال إعادة التغريد الجماعي أو نشر رسالة معينة أو هاشتاق محدد له أجندة مقصودة”. وأضاف: “إنهم يخلقون وهم الإجماع، ويمكنهم بسرعة فائقة إغراق المنصات بالآراء التي تنتقد الحكومة من خلال ترويجها بين المعلومات المشروعة وذات المصداقية”.
وبمعنى أقل تعقيداً، تنتج الفرق الفنية التي تعمل في مختبرات تكنولوجيا المعلومات جيوشاً من الحسابات الإلكترونية المزيفة التي تتم برمجتها “لإعادة تغريد – Retweet” المشاركات من حسابات محددة، في محاولة لتضخيم خطاب معين أو الترويج لمشاعر محددة أو معلومات ذات طبيعة متحيزة وغير دقيقة.
“بعد 8 أشهر على ما تم اعتباره محاولة لدفن الأحقاد والخلافات السابقة بين دولة قطر ورباعي دول الحصار بتوقيع إعلان العلا، فإن الأمر يطرح سؤالًا حول ما إذا كانت أزمة الخليج قد انتهت حقاً؟”.
بطبيعة الحال، تكتسب التغريدات قوة جذب بين المستخدمين الواقعيين عبر تويتر، الذين سرعان ما يشتركون بدورهم في المحادثات ويقدمون آرائهم الخاصة، وهم عادةً ما يرددون آراء الحسابات المزيفة في هذا الشأن.
وبحسب المتخصص في التضليل الإعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، “من المهم التمييز بين الحسابات الزائفة Bots وبين حسابات المتصيدين Trolls. فالأولى هي حسابات آلية، بينما المتصيدون فهم أشخاص حقيقيون يضايقون الآخرين عبر الإنترنت. ولا توجد طريقة واحدة لاكتشاف الحسابات الزائفة، وغالباً ما يمكن اكتشافهم فقط من خلال ملاحظة التشابه الكبير في المحتوى الذي تنشره تلك الحسابات وكيف أنها تعمل في انسجام تام”.
وفي حين أنه قد يكون من المناسب تجاهل تلك الحملات باعتبار أنها تمثل تجاوزاً بسيطاً أو مجرد مصدراً للإزعاج، فإن نمط الحملات الأخيرة التي تستهدف قطر يشير إلى أنه قد يكون هناك شيء أكثر جدية قيد التنفيذ. خاصة في ظل استعداد الدوحة لانتخابات مجلس الشورى، إذ يمكن أن يؤدي هذا التحريض إلى اضطرابات كبيرة في التصويت التاريخي المُرتقب.
ويقول خبير منطقة الخليج وزميل الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، كريستيان كوتس أولريتشسن، في حديثه لدوحة نيوز، إن هذه الاستراتيجية الأخيرة يمكن أن تكون محاولة لتصوير “حركة شعبية مزيفة”.
ويقول أولريشسن: “إذا أمكن تتبع مصدر تلك المعلومات المضللة المناهضة لقطر إلى الحكومات الإقليمية في المنطقة، بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن ذلك سيلقي بظلال من الشك على مدى التزامها بالمصالحة والتفاصيل المنصوص عليها في اتفاقية العلا في يناير/كانون الثاني الماضي”.
ومن الواضح أن اقتراب موعد انتخابات مجلس الشورى في قطر وفّر فرصة محتملة لأي معارض إقليمي لكي ينشر معلومات مضللة أو يروج لقصص تلقي بظلال الشك على مصداقية أو شرعية العملية الانتخابية.
وأضاف أولريشسن: “قد يكون استخدام المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة الجهات الحكومية في إبعاد أنفسهم عن مثل هذه الحملات وجعلها تبدو ‘شعبية’ بدلاً من أن تكون معتمدة رسمياً”.
ومنذ مقتل خاشقجي والأدلة اللاحقة التي كشفت كيف تم اختراق تويتر من خلال أحد الموظفين للعمل نيابة عن الحكومة السعودية، تم حذف الآلاف من حسابات تويتر السعودية المزيفة المدعومة من الدولة والتي تم إنشاؤها باستخدام أسماء العائلة المالكة القطرية والهيئات الحكومية، كجزء من حملة تويتر ضد التضليل الإعلامي.
وبالمثل، تم أيضًا محو آلاف الحسابات المرتبطة بالإمارات العربية المتحدة ومصر، والتي ثبت أن الكثير منها شارك بالفعل في “جهود منسقة لتضخيم الرسائل التي كانت مفيدة لتلك الحكومات”، وفقاً لتصريحات تويتر آنذاك.
وقال موقع تويتر عام 2019: “لقد سمحت لنا التحقيقات الدقيقة التي أجراها فريق سلامة الموقع لدينا بإسناد هذه الحسابات إلى عملية معلومات مهمة مدعومة من الدولة على تويتر وكانت نشأتها من المملكة العربية السعودية”.
وبعد عام من ذلك في أبريل/نيسان عام 2020، أكد موقع تويتر إزالة 2541 حسابًا في شبكة مقرها مصر، تُعرف بشبكة الفجر، والتي قال إنها أنشأت حسابات غير أصلية لترويج رسائل معينة تنتقد إيران وقطر وتركيا.
وقال تويتر وقتها “المعلومات التي حصلنا عليها من الخارج تشير إلى أن تلك الشبكة كانت تتلقى توجيهات من الحكومة المصرية”.
وبالمثل، فإن “شبكة الحسابات المرتبطة بالمملكة العربية السعودية، والتي تعمل من عدة دول بما في ذلك السعودية ومصر والإمارات، تضخم المحتوى الذي يشيد بالقيادة السعودية وينتقد النشاط القطري والتركي في اليمن. وتم حذف 5350 حساب إجمالياً”.
ووفقًا لمرصد ستانفورد للإنترنت، تقوم الحسابات الخاضعة للرقابة بتغيير اسم الحساب بانتظام ومسح التغريدات السابقة في محاولة لزيادة الشرعية المتصورة لها، بما في ذلك تغريدات عشوائية لبناء الجمهور.
انقلاب مزعوم
ونشرت تلك الحسابات شائعات عن وقوع انقلاب عسكري في قطر، ونشرت بيانات ملفقة من منظمات حقوقية عالمية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش.
ومن بين بعض حسابات تويتر المزيفة التي تضم مليون متابع، قامت بعضها بانتحال هوية أفراد العائلة المالكة القطرية، بمن فيهم فهد بن عبد الله آل ثاني المقيم حاليًا في المملكة العربية السعودية.
واختلقت حسابات أخرى تصريحات على لسان منظمة العفو وهيومن رايتس ووتش تزعم فيها أن الأمير المقيم في السعودية كان يتعرض للتعذيب في سجن قطري.
وفي مايو/أيار 2020، نشر حساب تحت عنوان “QtrGov@” شائعات عن انقلاب عسكري في قطر. ومع ذلك، في تحليل لموقع تويتر، قام جونز بتتبع مقاطع الفيديو المزيفة ووجد أنها تضمنت مقاطع وتسجيلات صوتية من دول مختلفة، بما في ذلك الصين والمملكة العربية السعودية – ولم يكن من بينها أي شيء من قطر.
في غضون ذلك، توصَّل فيلم وثائقي لقناة الجزيرة بعنوان “المسافة صفر”، أن السعودية والإمارات ومصر دشّنوا 80 ألف حساب مزيف على تويتر تم استخدامها للترويج لهشتاق “قطر تدعم الإرهاب”.
ووفقًا للتحقيق، تم تتبع الهاشتاق إلى عام 2013، أي قبل 4 سنوات من الحصار، وكان جاهزًا للتفعيل قبل شهر من أزمة يونيو/حزيران 2017.
“من الواضح أن هذا الاتجاه مُضلِّل، وتهيمن عليه المعلومات المضللة و الحسابات المزيفة المدفوعة من غير القطريين (الإمارات/السعودية) وإسرائيلي”
وفي نفس العام، ظهر فجأة موقع إلكتروني مناهض لقطر، لديه فروعه الخاصة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. وتم ربط الحساب بشقة في شارع أحمد عبد العزيز في القاهرة، ووفقًا لموظف سابق في “قطري ليكس”، بدأت الشركة الإماراتية Dot_Dev في إعداد منصتها بنهاية عام 2016.
وخلال ما يزيد قليلاً عن عام واحد، امتلك حساب “قطري ليكس” أكثر من 51 ألف متابع، ونشر أكثر من 27 ألف تغريدة في نفس الفترة الزمنية.
وتضمَّن المحتوى الذي تم إنشاؤه على الحساب تغريدات باللغتين العربية والإنجليزية، ورسوم بيانية، ومقاطع فيديو حظت بما معدله 1500 مشاهدة في غضون دقائق – وكل ذلك يتطلب وقتاً وجهداً ومبالغ مالية ضخمة.
وبكل المعايير، فإن مثل هذا النمو الكبير الذي حققه الحساب السياسي الحديث يُعد غير واقعي أبداً، ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال أساليب غير تقليدية، بما في ذلك استخدام شركات العلاقات العامة، وحسابات تويتر المزيفة والكثير من الدولارات – أو الدراهم.
وبالرغم من أن تحليل البيانات الأخير لا يرقى إلى تحديد المسؤول عن دفع هاشتاقات معينة لقائمة الأعلى تداولاً، إلا أنه بعد 8 أشهر من خطوة قطر ورباعية الحصار السابقة في تجاوز الخلافات بتوقيع اتفاقية العلا، فإن الأمر يطرح سؤالًا حول ما إذا كانت أزمة الخليج قد انتهت بالفعل.
“نظرة أعمق في الهاشتاقات “الرائجة
انتخابات الشورى
وبالنسبة لأحدث هاشتاق الذي حمل عنوان “#ثورة_قطر”، تم فيه الترويج بصورة مبالغة لمظاهرة صغيرة دشّنتها قبيلة قطرية احتجاجا على “إقصاء” بعض المواطنين الذين تم اعتبارهم غير مؤهلين للتصويت وفق القانون الحالي.
وجرى الدفع بالهاشتاق وتضخيمه من خلال حسابين موثّقين ولكن مخترقين أحدهما يخص منتج ABC News زويل زاندر، والآخر لشخص هندي مرتبط برائد الأعمال إيشيتا أناند.
وفي حين أنه من غير المعهود لهذين الشخصين الانخراط في مثل هذه السياسات القطرية الداخلية، فقد أعادت مئات الحسابات المزيفة الأخرى تغريد تغريداتهما بهذا الخصوص.
وفي نفس الشهر، كان هاشتاق #مقاطعة_انتخابات_مجلس_الشورى الموضوع رقم واحد في قائمة الأكثر تداولاً ظهر يوم الأحد 1 أغسطس/آب الجاري، بالتزامن مع اليوم الأول الذي يمكن فيه للناخبين في قطر التسجيل في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وبالرغم من أن الهاشتاقات تحظى بتصنيف الأكثر تداولاً إذا ما تم استخدامها في آلاف التغريدات من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، أو إذا كانت ترعاها شركة معينة، أو إذا كان تويتر نفسه – الذي تستضيف دولة الإمارات مكتبه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – يدفعه للرواج، فقد وصل هذا الوسم تحديداً إلى أعلى القائمة على الرغم من استخدامه في تغريدة واحدة فقط.
ونشر حساب باسم @ra21112 تلك التغريدة، وهو حساب يدّعي أن راشد بن سالم بن قطفة الفهاد المري، وهو رجل قبيلة قطري معارض يعيش في الدولة الخليجية، هو من يديره.
ويحتوي الحساب، الذي تم إنشاؤه عام 2010، على أكثر من 4650 متابع ويبدو أنه يتفاعل باستمرار مع الموضوعات الشائعة، كما يتصدر في مناسبات متعددة العديد من الهاشتاقات الرائجة، كما هو موضح بمزيد من التفصيل في التحقيق.
وعلى الرغم من عدم وجود سبب للاعتقاد بأنه حساب مزيف أو حساب Bot، إلا أنه من المريب كيف تمكنت تغريدة واحدة من حسابه في تأمين تلك البقعة من الضوء.
وبعد أيام، في 3 أغسطس/آب، ظهر الهاشتاق مرة أخرى، وهذه المرة حصد المزيد من المشاركة على منصة تويتر. ووفقًا لتحليل مستقل أجراه خبير التحليلات الرقمية مارك أوين جونز، فقد جذب الهاشتاق 300 تفاعل من حوالي 250 حساب فريد.
وتابع جونز في تغريدة له: “مع ذلك، فإن الحساب الذي حظي بأكثر إعادات للتغريد هو حساب تسويق رقمي يقدم حرفياً خدمات ترويج ودعاية”.
وبالتعمُّق أكثر في الحساب، حدد جونز اسم حساب كان هو الأكثر “تأثيراً” على الهاشتاق، وكان باسم EdyCohen – وهو حساب إسرائيلي قام سابقاً بتغريد معلومات مضللة حول قطر والإخوان المسلمين.
وتابع المتخصص: “إيدي نشر معلومات عن عدم قدرة المرأة على المشاركة في الانتخابات. وهذا طبعاً غير مفهوم، لأن المرأة القطرية بإمكانها الترشح لمجلس الشورى بالفعل”؛ وقد حظيت تلك المعلومات بالكثير من إعادة التغريد من حسابات يبدو أنها إماراتية وسعودية.
وخلص جونز إلى أن “هذا الهاشتاق مضلِّل ومزيف بشكل واضح، وغالبًا ما تهيمن عليه المعلومات المضللة والحسابات المزيفة المدفوعة من غير القطريين، مثل الإماراتيين والسعوديين، بالإضافة لشخص إسرائيلي”.
حقوق الشيعة
ومن بين أحدث الهاشتاقات التي تم نشرها مؤخراً وسم بعنوان #حقوق_الشيعة_في_قطر، إذ ظهر لأول مرة في 5 يوليو/تموز في تغريدة من الحساب الذي يتخذ من البحرين مقراً له، بعنوان @maryam22700288.
وفي ذروة نشاط الهاشتاق، بين يومي 5 و6 من ذات الشهر، تم استخدام الهاشتاق في إجمالي 12464 تغريدة – معظمها إعادة تغريد (12026) – وبواسطة 1005 مستخدم فريد.
ووفقًا لتحليل البيانات، فقد قاد تلك الحملة فريقان. وتم تحديد موقع الفريق الأول بالقرب من مجموعات المستخدمين البحرينيين، مما يشير إلى أنهم من نفس البلد. فيما تأثرت المجموعة بشكل أساسي بالسياسي البحريني البارز ووزير الخارجية السابق خالد بن أحمد آل خليفة، على الرغم من حقيقة أنه لم ينشر تغريدة مباشرة باستخدام الهاشتاق.
وقال التحليل إن الفريق الثاني، الذي اتضح أنه متأثر بنائب رئيس الشرطة والأمن العام الإماراتي ضاحي خلفان، كان مزيجاً من المستخدمين الإماراتيين والبحرينيين والأمريكيين. ومن المثير للاهتمام، أن 17 من بين أكثر 20 حساب فعّال عبر الهاشتاق،
نشر تحديداً 22 تغريدة على تويتر مستخدماً الوسم.
وعلاوة على ذلك، يوضح تحليل تواريخ إنشاء تلك الحسابات، أن نسبة كبيرة جداً من الحسابات شهدت نفس تواريخ الإنشاء، ما يعكس أنه تم إنشاء تلك الحسابات في دفعات قبل وقت قصير من بدء الحملة.
حقوق المعلمين
شهد هاشتاق #حقوق_المعلمين_في_قطر وأربع هاشتاقات أخرى متنوعة حوالي 56986 تغريدة بشكل إجمالي بين يوم 8 أبريل/نيسان – عندما ظهر الوسم لأول مرة – ويوم 15 من نفس الشهر. وكان بينها 6177 تغريدة أصلية فقط، في حين أن 52326 منها كانت مجرد إعادة تغريد.
وترتبط الهاشتاقات بقرار صدر مؤخراً عن وزارة التربية والتعليم في قطر، والذي تم التأكيد فيه على أنه سيُطلب من جميع المعلمين بالحضور إلى المدارس لأداء وظائفهم بصورة طبيعية على الرغم من اعتماد الطلاب تدابير التعلم عن بُعد.
وبحسب دوحة نيوز، فقد أثيرت شائعات كاذبة عبر الهاشتاق عن فرض خصم مزعوم على رواتب المعلمين الذين يطالبون بإجازات مرضية بسبب الإصابة بـCovid-19.
ويُظهر تحليل البيانات أن بعض الحسابات المشاركة في هذا الوسم نشرت مئات التغريدات في المتوسط بشكل يومي، وهي علامة واضحة على أن الهاشتاقات التي احتلت قوائم الأعلى تداولاً تم الدفع بها من خلال حسابات مزيفة.
وزعمت حسابات الغالبية العظمى من المستخدمين المشاركين في الوسم أن مقرها في قطر، ومع ذلك لا يوجد دليل على أنها موجودة فعلاً في الدولة لأن هذه التفصيلة يمكن التلاعب بها بسهولة عبر حسابات وسائل التواصل المختلفة.
ووفقًا لتقرير صادر عن شركة أدلة جنائية رقمية مشهورة، بتكليف من دوحة نيوز، فقد جاء أول استخدام للهاشتاق بواسطة مستخدم يدَّعي أنه خريج جامعة قطر ويعمل كأستاذ للدراسات الاجتماعية.
ومع ذلك، أنتج الحساب ما مجموعه 861 تغريدة عبر الهاشتاق منذ يوم 8 أبريل/نيسان، ما يشير إلى أنه من المستبعد جداً أن يكون هذا مستخدماً حقيقياً فعلاً.
وفي الوقت نفسه، اتضح أن @jastme97916440 هو المستخدم الأكثر نشاطًا في القضية، حيث نشر تغريدات باستخدام هاشتاقات مثل #حقوق_المعلمين_في_قطر 3 و#حقوق_المعلمين_في_قطر 4.
هذا الحساب تم إنشاؤه يوم 9 أبريل/نيسان، أي قبل أربعة أيام فقط من اكتساب الهاشتاق شهرته واحتلاله المركز الأول في الأكثر تداولاً في قطر. وبالطبع من الغريب في غضون 6 أيام فقط، أن يقوم الحساب بنشر 705 تغريدة عن الموضوع، وهو دليل واضح على أن الحساب قد تم إنشاؤه لتضخيم الوسم والدفع به لقائمة الأعلى رواجاً.
كما تم تحديد ما لا يقل عن 15 مستخدم آخر نشر أكثر من 1000 تغريدة تحتوي على ذات الهاشتاقات، وذلك في غضون فترة زمنية لا تتجاوز الـ7 أيام.
وقد أفاد خبراء الطب الشرعي الرقمي أن “العديد من هؤلاء المستخدمين الأكثر نشاطًا يظهرون العديد من العلامات الدالة على كونهم مزيفين، مثل استخدامه للصور المجهولة، واللغة الدينية في سيرهم الذاتية، ونشر صور السياسيين القطريين، وعدم وجود مزيد من التفاصيل الشخصية حولهم في الحساب”.
ومن بين 2950 مستخدم للهاشتاق، تم إنشاء 405 حساب منهم في عام 2012 وحده، وهو ما يمثل 14% من العدد الإجمالي. كما تم إنشاء 548 حساب خلال عام 2020 وحده، و326 حساب عام 2021 – وذلك بنسبة 30% من إجمالي المستخدمين في الوسم.
“وعند التحليل حسب الشهور، حددنا أنه تم إنشاء 200 حساب في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2021، مما يمثل ارتفاعاً كبيراً وغير طبيعي في تاريخ إنشاء الحسابات”. ويقول المحققون الرقميون لدوحة نيوز إن هذا يشير إلى وجود شبكة من الحسابات غير الأصلية التي تم إنشاؤها للدفع بهاشتاق حقوق المعلمين في قطر إلى قائمة الأعلى تداولاً بشكل متعمَّد.
الشخصية القطرية
كان هذا هو الحال بالنسبة للعديد من الهاشتاقات الأخرى التي ظهرت في شهر أبريل/نيسان أيضاً.
إذ يبدو أن وسم #الشخصيه_القطريه قد ظهر بعد أن أنشأ مستخدم باسم AlthaniAljnob سلسلة تغريدات لاذعة وحادة على تويتر في 10 أبريل/نيسان يوضح فيها تقييمه للشخصية القطرية النموذجية. وكانت التغريدات شديدة الانتقادات في نبرتها.
وبعد يوم واحد فقط، كشفت البيانات زيادة في استخدام الهاشتاق، ووصل الأمر إلى أوجه بعد يوم لاحق آخر.
وتم نشر 4178 تغريدة تحتوي على الهاشتاق من قِبَل 1341 مستخدم. وكشف تحليل تواريخ إنشاء هذه الحسابات عن مجموعة واسعة من التواريخ، مع ارتفاع طفيف في مارس وأبريل 2021 – على غرار ما شوهد في هاشتاق حقوق المعلمين السالف؛ وهو الأمر الذي يشير مرة أخرى إلى أن تلك الحسابات تم إنشاؤها لترويج النبرة المعادية لقطر بشكل مُتعمَّد.
وعبر الوسم، كان هناك إجمالي 801 تغريدة أصلية، بينما تم إعادة تغريد 3377 تغريدة، مما يبرز نسبة عالية من التضخيم مقابل المحتوى الأصلي. ومن بين 1341 مستخدم للوسم، تم إنشاء 5.5% منها في مارس أو أبريل.
وخلص التقرير إلى أنه “يبدو أن الكثير من محتوى التغريدات التي استخدمت الهاشتاق كان يقاوم رواية @AlthaniAljnob، في تأييد شديد لقطر. ومع ذلك، كان هناك حالات أخرى أيضاً لرسائل قوية مناهضة لقطر.
كما أن بعض التغريدات عبر الوسم كانت تدعم الشعب القطري، لكنها انتقدت الحكومة. بما يوحي أنه ربما تم نشر هذه الهاشتاقات كجزء من حملة تسويق مدعومة ومُنسقة، حيث تم تصميم الحسابات لتظهر كما لو كانت موجودة في قطر بالفعل.
وقد اتهمت إحدى هذه التغريدات الحكومة القطرية بالسرقة من الشعب. وقام حساب باسم @wak1BERGOdJdeg5، الذي انضم بشكل ملحوظ إلى تويتر قبل شهر واحد فقط من حصار قطر في يونيو/حزيران من العام 2017، بإعادة تغريد 99 مشاركة عبر الوسم للدفع بالهاشتاق نحو قمة الأعلى تداولاً.
وجاء في التغريدة الوحيدة التي نشرها هذا الحساب باستخدام الهاشتاق: “المشكلة هي أنهم يسرقون أموال الناس وفي المقابل يحاول الناس نصحهم. إذا كنا حقاً في دولة ديمقراطية، سيكون هؤلاء في السجون”.
ويُذكر أن هذا الحساب المذكور يأتي من بين حوالي 658 حساب شارك في كل من حملات الشخصية القطرية وحقوق المعلمين، ما يؤكد على وجود شبكة من الحسابات المُزيفة والمدعومة لكي تطلق حملات مُصطنعة عبر تويتر.
الخير والمجد
عبر هاشتاق #ابشروا_بالعز_والخير، تم تداول عبارة اكتسبت شعبية خاصة في أعقاب حصار 2017 عندما استخدمها الأمير تميم بن حمد آل ثاني استجابة لطلب مواطن. والتي تعني بمعنى آخر، أنه تم قبول طلب ما.
وعلى الرغم من أن العبارة في حد ذاتها إيجابية، إلا أن البيانات تُظهر أنه تم نشرها كجزء من حملة منسقة وعدائية ضد الدولة الخليجية، حيث حاولت مجموعة صغيرة من الحسابات المزيفة وغير الأصلية تقويض الأثر الإيجابي للعبارة الرائجة، من خلال نشر بعض المظالم المحلية المزعومة في قطر.
وأشار التقرير إلى أن الحساب الأول الذي نشر عبر هاشتاق تلك الحملة المعادية الجديدة كان بعنوان @ra21112. وأسف المري في تغريدة له في 14 أبريل/نيسان من العام الجاري عن عفو أمير قطر عن السجناء بمناسبة شهر رمضان الكريم، في إشارة إلى الحساب الذي برزت مشاركاته في الهاشتاقات المعادية السابقة أيضاً.
لاحقاً، تم تحديد الحسابات التي تدّعي أنها قطرية وتقوم بالترويج للحملة، إذ اتضح عدم أصالة العديد من تلك الحسابات عبر الهاشتاق بسبب أنماط اختيار الأسماء أو الـHandles.
كما تم إنشاء حوالي 20% من هذه الحسابات قبل فترة وجيزة من بدء الحملة، وقد اتضح أن بعض هذه الحسابات قد انخرطت بالفعل في حملات أخرى معادية لقطر في الآونة الأخيرة.