يتساءل الناشط الكيني مالكوم بدالي عن انتخابات مجلس الشورى الحالية في قطر قائلاً: “بالمنطق، ينبغي أن يخدِم مجلس الشورى عامة الشعب، وعلى الرغم من أن التصويت مقصور بشكل واضح على القطريين، فهل سيتم أخذ محنة العمال الوافدين في قطر في عين الاعتبار؟”
على الرغم من امتلاك مجلس الشورى القطري سلطة تشريعية، فإن لديه صلاحيات أخرى تشمل حق إصدار وتعديل وإلغاء القوانين التي تؤثر بشكل مباشر على ملايين المواطنين والمغتربين في جميع أرجاء البلاد
ومنذ إنشاء مجلس الشورى في عام 1972، كان يتمتع أعضاء المجلس، إلى حدٍ ما، بالقدرة على تقرير أبعاد حرية العمال المهاجرين والفئات الأخرى في المجتمع القطري؛ سواءً في إطار مناقشة الأجور، أو في إقرار القوانين الحاسمة مثل نظام الكفالة الذي لم يعُد معمولاً به حالياً بعد إلغائه عام 2020
الآن، ومع الصلاحيات الجديدة التي ستُقدم للهيئة المُنتخبة، فإن المجلس سيتولى مهمة تمهيد الطريق أمام العامل المهاجر منذ لحظة مغادرة بلاده، وحتى لحظة هبوطه في الدولة الخليجية باحثاً بشغف عن فرصة عمل مستقبلية وحياة جديدة. لذلك من الضروري مُساءلة أعضاء المجلس الجُدُد، أو الذين سيتم التصويت لصالحهم من قِبَل المواطنين القطريين عن كيفية استجابتهم للمطالب والقضايا المُختلفة
وبينما من الضروري توخِّي الحذر من الرجوع للماضي، فإننا لا نستطيع تجاهله عند مناقشة قضايا العُمَّال الوافدين، خاصة عند الحديث اليوم عن مجلس شورى مُنتخب
وفي شهر فبراير/شباط من العام الجاري، أي بعد ستة أشهر فقط من إدخال السلطات القطرية مزيد من الإصلاحات في مجال العمالة، اقترح مجلس الشورى بعض التوصيات التي شكلت بكل صراحة، تهديداً كبيراً للتقدم الذي تحقق في قطر
وبالرغم من الترحيب العالمي بالإصلاحات الجديدة باعتبارها هبة من السماء للعُمال، وصفها أصحاب العمل وشركات التوظيف الكُبرى بـ”الكابوس”، الأمر الذي دفع مجلس الشورى إلى إعادة مناقشة تلك الإصلاحات والتراجع عن تنفيذها لإرضاء المصالح الخاصة لأصحاب العمل، الذين لا يمكن وصفهم سوى بأنهم أشخاص “يغذيهم الجشع”، ولكنهم لم يتمكنوا في ذلك الوقت من معرفة أن هذه الإصلاحات قد عملت في الواقع لصالح كلٍ من أرباب العمل والموظفين، وشكَّلت مكسباً لدولة قطر ككل
لحسن الحظّ، لم تستجب الحكومة لتوصيات المجلس، إذ رفضت التراجع عن الإصلاحات العُمَّالية التي أدخلتها مسبقاً
وعلى خلاف المجلس المُعيَّن سابقاً، والذي يتألف من كبار رجال الأعمال في الدولة، سيضُم المجلس الجديد أشخاصاً سيتم التصويت لهم من قِبَل المواطنين أنفسهم، ما يشكل نقطة حاسمة لمسار البلاد. لذلك نأمل أن يهتم أولئك المنتخبون بقضايا العُمَّال المهاجرين، وتحقيق المكاسب التي سعت إليها السلطات في السنوات الأخيرة، عوضاً عن التركيز على تحقيق مكاسب مالية وشخصية
ولسوء حظ العُمَّال، فإن أصحاب الأعمال في قطر تربطهم علاقة جيدة مع الأشخاص في السلطة. لذلك أحياناً، لا يتم الفصل بين العمل والحكومة والأسرة. لهذا السبب سيواجه المجلس القادم تحديات لمناقشة الأمور الغامضة الخاصة بحقوق العمالة، والتي قد تقف في صالح المنصب العام
ولكن ما زال بالإمكان النظر إلى مجلس الشورى الجديد بعينٍ متفائلة، حيث من المفترض أن يعمل كباقي الهيئات البرلمانية والتشريعية في جميع أنحاء العالم، على أمل أن يكون هناك لجنة خاصة بحقوق العمال، أو مختصة بشؤون العمال
ومع افتراض حدوث ذلك، فهل ستمتلك اللجنة صلاحيات عمل فاعلة مع وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، والتي حاولت منذ سنوات تحسين ظروف العمال وضمان حصولهم على الرفاهية أثناء إقامتهم في البلاد؟
بالنسبة للجزء الأكبر من العُمَّال، نعلم أن وزارة العمل قد قامت بجهود تستحق الثناء. مع ذلك، يبدو أن سلطتها ما زالت محدودة بسبب بعض المصالح الخاصة
وعلى الرغم من كل الإصلاحات، ما يزال العمال في قطر يُكافحون من أجل تحقيق العدالة، خاصةً في قضايا إنهاء الخدمة بشكل غير مشروع، وسرقة الأجور، أو عدم سدادها، والاعتداء الجسدي والجنسي، والمشاكل المتعلقة بتغيير الوظيفة وما إلى ذلك في قائمة لا حصر لها
في ظروف مثالية، من المفترض أن تتدخل وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية لوقف حدوث ذلك، ولكن من واقع تجربتي الشخصية و ملاحظاتي البسيطة، و بالاعتماد على توثيقات شاملة من أطراف آخرين، رأيت أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال المساس بمصالح أصحاب العمل
ولإضافة المزيد من التحديات، يبدو أن وزارة الداخلية (MOI) هي طرف متواطئ آخر في تقويض صلاحيات وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية
وقد لوحظ ذلك في حالات مختلفة، مراراً وتكراراً، ففي حين “يجوز للعامل تقديم شكوى إلى هيئة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية بخصوص الاعتداء أو عدم دفع المستحقات. في المقابل، يتمكن صاحب العمل بعد ذلك من تقديم تهمة “هروب” وهمية ضد الموظف، والتي تتلقاها وزارة الداخلية على حساب شكوى الموظف الأصلية”
وللأسف، ينتهي الأمر عادةً باعتقال العامل أو احتجازه وترحيله في النهاية
منطقياً، من المفترض أن يخدم مجلس الشورى عامة الناس، على الرغم من أن التصويت مقصور بشكل واضح على المواطنين القطريين. ومع أنني واثق من أن بعض المرشحين يُريدون استخدام سلطاتهم التشريعية بنُبل، إلا أنه وبعد أن تنتهي الدعاية والخطابات الانتخابية، سيكون العُمال الوافدون تحت رحمة هؤلاء المسؤولين المُنتخبين
ومع أن الآمال المُعلَّقة بالمرشحين الجُدد عالية، حيث يمتلك العديد منهم أفكار عظيمة، إلا أن الشكوك حول تعامل مجلس الشورى الجديد مع قضايا العمالة الوافدة ما تزال قائمة
وفي خضم التحدي ما بين رعاية العمالة الوافدة وتحقيق المصالح العامة، فإنه من غير المرجح أن يؤخذ بكلام رجل على هامش المجتمع بعدما ظل مُستَغلاً وغير مرئي وبلا قدرة على التعبير لفترة طويلة. لكن مجدداً، تمكنت قطر أكثر من مرة أن تكون استثناء القاعدة، لذلك هناك أمل
ويكتب مالكوم بدالي، الناشط في مجال حقوق الإنسان، في مدوناته بشكل متواصل حول محنة العُمَّال المهاجرين في قطر ومنطقة الخليج